كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتابكم بتاريخ اليوم 3/8/6831هـ وصل، سرنا صحتكم، الحمد لله على ذلك، وقد أرسلت لك أمس خط جواب على سؤالك السابق ولم تذكر وصوله، ولعله الآن إن شاءالله وصلك، سؤالك في الكتاب الأخير عما يأتي‏:‏

هل يجوز دفع الزكاة في دية السائق الداعس‏؟‏

فالجواب‏:‏ إن كان السائق المذكور غنيًّا يستطيع تسليم الدية فإنه لا يجوز دفع الزكاة إليه قولاً واحداً، وإن كان فقيراً فإنه لا يجوز دفعها إليه أيضاً على المذهب؛ لأنه ليس بغارم، إذ الدية في الخطأ لا تجب على القاتل، وإنما تجب على عاقلته، فليس حينئذ غارماً ولكن الطريق إلى ذلك أن تدفعها إلى من لهم الدية، أو إن كان السائق أميناً وأعطيته إياها يسلمها لأهل الدية كوكيل عنك‏.‏

هذا ما لزم، شرفونا بما يلزم، بلغوا سلامنا الأولاد، والشيخ محمداً وبقية المشائخ والإخوان، كما منا الجميع بخير والله يحفظكم‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

372 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هناك أيتام أنا وليهم توفي والدهم منذ سنوات، دخلهم الشهري من التقاعد نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال، واجتمع لدي خلال هذه السنوات مبالغ كبيرة، منها حوالي مائة وخمسون ألفاً زكوات، فهل أمتنع عن أخذ الزكاة لهم‏؟‏ وماذا أفعل بما معي من الزكاة، وإذا كان لهم منزل متصدع من الصندوق العقاري عليه مائتان وأربعون ألفاً فهل أدفع تبرئة لذمة الميت من هذا المبلغ‏؟‏ وإذا كان لهم أراض من البلدية فهل نسورها من هذه المبالغ أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يحل لك أن تأخذ لهم وهم عندهم ما يغنيهم، لأن الزكاة للفقراء والمساكين وليست للأيتام، وما أخذته مع وجود غناهم يجب عليك أن ترده إلى أصحابه إن كنت تعرفهم، وإن كنت لا تعرفهم فتصدق به بنية الزكاة عنهم، لأنك أخذته بنية الزكاة منهم‏.‏

وأما ما جمعت من الأموال من التقاعد، فافعل ما ترى أنه أصلح، لقوله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏}

وأما دين صندوق التنمية العقارية، فإنه مؤجل مقسط ـ كما هو معلوم ـ فتدفعه على حسب أقساطه، والميت يبرىء منه، إلا ما كان من الأقسام التي حلت قبل موته ولم يسددها، فأما التي لم تحل إلا بعد وفاة الميت، فالميت منها بريء؛ لأنها متعلقة بنفس العقار، والعقار انتقل منه إلى ملك الورثة، فهم المطالبون بذلك، ولا تسدد من الزكاة، لأن عندهم ما يمكن أن تسدد منه‏.‏

* * *

472 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ لقد عرض علينا نحن صندوق إقراض الراغبين في الزواج أحد الإخوة العاملين في إحدى الدوائر الحكومية التعاون معنا في الذهاب للتجار وجلب التبرعات منهم، على أن يأخذ نسبة معينة من هذه الأموال المتبرع بها للصندوق عن طريقه هو، علماً أنه غير مرتبط بالصندوق بدوام رسمي؛ لأنه ليس موظفاً فيه، هل يجوز أن نعطيه نسبة على ما يجمعه لقاء جمعه من أموال التبرعات والزكوات لهذا الصندوق أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أما من جهة الصدقات فلا بأس، وأما من جهة الزكاة فلا، لأن الزكاة إنما تكون للعاملين عليها، وهذا ليس منهم، والصدقات بابها أوسع‏.‏

* * *

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب الفضيلة الوالد محمد بن صالح العثيمين حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‏:‏

سبق أن تم تعميدي من قبل سعادة‏.‏‏.‏‏.‏ على جباية زكاة ثمار نخل ‏.‏‏.‏‏.‏ وتسليمها لجمعية البر الخيرية ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وتقسيمها ولله الحمد على حسب تعليمات سعادته على النحو التالي‏:‏

بعد حلول الثمار وانتهاء بيعها أقوم بالمرور على المزارعين وأطلب الزكاة ثم أعطيه إيصال بالاستلام وأحتفظ بصورته، ومن ثم أقيد المبلغ في دفتر خاص بخانة الوارد وأسلم المبلغ لجمعية البر الخيرية ويعطونني إيصال، فأقيده بنفس الدفتر بخانة المنصرف، وأحتفظ بالإيصال بملف‏.‏ وهناك نفر قليل لا يتجاوزن عشرة يحضرون الزكاة لي بدون الذهاب إليهم‏.‏ وفي نهاية موسم الثمار أجمع الوارد وأخصم منه 01 مقابل عملي وأخصم ما سلم لجمعية البر الخيرية حتى يصبح الناتج صفراً‏.‏

أطلب من فضيلتكم تنويري برأيكم هل هذه النسبة 01 التي آخذها مقابل عملي على جميع المبالغ التي أستلمها من المزارعين حقي ولا فيها زيادة أم لا‏؟‏ حتى أكون على يقين، وإذا يرى فضيلتكم أن هناك زيادة فما مقدارها‏؟‏ وما النسبة التي أستحقها حتى أعيد الزيادة لجمعية البر‏؟‏

بما أنني أحلت على التقاعد من 1/7/8141هـ سيعمد على جباية الزكاة غيري فرغب سعادة المحافظ الأستاذ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ عرض الطريقة التي أتمشى بموجبها على جباية الزكاة، ومقدار النسبة التي أستحقها مقابل عملي بالجباية عرضها على فضيلتكم لإبداء ملاحظاتكم، والتمشي برأيكم ليعمد البديل بالتمشي بموجبها‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أما الذين يأتون بزكاتهم إلى محل جبايتها فلا تأخذ من زكاتهم شيئاً؛ لأنك لم تعمل شيئاً، وأما الذين يحتاجون إلى متابعة فخذ من زكاتهم ما جرت به العادة، وهذا يختلف، فمنهم من يسهل أخذ الزكاة منه ولا يحتاجون إلى عناء، فقلل من الأخذ من زكاتهم، ومنهم من يصعب أخذ الزكاة منه، ويتعبك بالمماطلة، فخذ من زكاته النسبة بقدر معاناتك، وإن شق ذلك ورأى المحافظ أن يكون لك نسبة واحدة بين الأقل والأكثر، فلا بأس تميل هذه النسبة إلى الزيادة إن كان الأكثر هم المماطلين، وإلى النقص إن كان الأكثر هم المبادرين، ففي هذا تبرأ الذمة إن شاءالله‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏ 51/8/8141هـ‏.‏

572 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ رجل غني أرسل زكاته لشخص، وقال‏:‏ فرقها على نظرك فهل يكون هذا الوكيل من العاملين على الزكاة ويستحق منها‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ليس هذا الوكيل من العاملين عليها ولا يستحق منها؛ لأن هذا وكيل خاص لشخص خاص، وهذا هو السر والله أعلم في التعبير القرآني حيث قال‏:‏ ‏{‏وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ لأن ‏"‏على‏"‏ تفيد نوعاً من الولاية كأن العاملين ضمنت معنى القائمين، ولهذا صار الذي يتولى صرف الزكاة نيابة عن شخص معين لا يعد من العاملين عليها، والله أعلم‏.‏

* * *

672 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ شخص طلب منه إيصال مبلغ زكاة مال إلى الخارج وبشكل شخصي، فهل يجوز له التصرف بأن يقتطع من مبلغ الزكاة مصاريف السفر، علماً أن لا يمكنه تحمل ذلك شخصيًّا، وجزاكم الله خيراً‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يحل له أن يأخذ من الزكاة شيئاً لهذا السفر، لأن الواجب على من عليه الزكاة أن يوصلها إلى الفقير من ماله هو، فإذا كان يريد أن يذهب إلى مكان يحتاج إلى مؤنة سفر، فإنه يأخذ من صاحب المال الذي أعطاه مؤنة السفر، وأما حق الفقراء فيجب أن يُؤدى إليهم خالصاً‏.‏

* * *

772 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن شخص ضعيف الإيمان هل يعطى لتقوية إيمانه، وإن لم يكن سيداً في قومه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذه المسألة محل خلاف بين العلماء ـ رحمهم الله ـ والراجح عندي‏:‏ أنه لا بأس أن يعطى لتأليفه على الإسلام بتقوية إيمانه، وإن كان يعطى بصفة شخصية، وليس سيداً في قومه، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ ولأنه إذا جاز أن نعطي الفقير لحاجته البدنية الجسمية، فإعطاؤنا هذا الضعيف الإيمان لتقوية إيمانه من باب أولى؛ لأن تقوية الإيمان بالنسبة للشخص أهم من غذاء الجسد‏.‏

* * *

872 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ لو أن الإنسان آنس من أحد العمال الكفار خيراً والقرب من الإسلام، هل يجوز أن يعطيه من الزكاة على أنه من باب المؤلفة قلوبهم أو لا يجوز‏؟‏ وما هو أفضل سبيل لدعوة هؤلاء الكفرة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أما الرجل المقبل على الإسلام والذي تعرف منه الرغبة في الإسلام، إذا رأيت أنك إذا أعطيته مالاً ازدادت رغبته فأعطه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي المؤلفة قلوبهم، يتألفهم على الإسلام، لكن بعض العلماء ـ رحمهم الله ـ قال‏:‏ إنه لا يعطي إلا السيد المطاع في عشيرته؛ لأن إسلامه ينفع من وراءه‏.‏ وأما الفرد فلا يعطى من التأليف، ولكن الصحيح أن الفرد يعطى لعموم الآية ‏{‏وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏ ، ولأنه إذا كان يجوز أن نعطيه لسد حاجة جسمه، فإعطاؤه لينجو من النار من باب أولى‏.‏

فالصحيح أنه يعطى، ولكن ينبغي للإنسان أن يُبين له أولاً ما يجب عليه في الإسلام‏.‏ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ حينما بعثه إلى اليمن‏:‏ ‏"‏إنك ستأتي قوم أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة‏"‏ إلى آخره، وذلك من أجل أن يدخل على بصيرة‏.‏ لأن بعضهم لا يظن أن الإسلام فيه هذه العبادات، فيدخل في الإسلام كأنه اسم من الأسماء، ثم إذا قيل له‏:‏ إن فيه كذا وكذا، يرتد ـ والعياذ بالله ـ فيكون كفره الثاني أعظم من كفره الأول‏.‏

أما كيف نعامل هؤلاء الكفار‏؟‏ فإن لكل حال مقالاً، منهم من نرى منه إقبالاً وليونة، فهذا نعامله بكل ما يقتضيه تأليف قلبه بالدعوة إلى البيت مثلاً، نهدي إليه هدايا، نعطيه أشرطة، نعطيه كتيبات ينتفع بها، نفعل كل شيء يرغبه في الإسلام فلكل مقام مقالاً‏.‏

* * *

972 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز دفع الصدقة والزكاة لغير المسلمين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم يجوز دفع الصدقة لغير المسلمين لتأليفهم على الإسلام مع رجاء إسلامهم، سواء من الزكاة أو من صدقة التطوع، وأما لغير ذلك فتحل لهم صدقة التطوع ولا تحل الزكاة، لقول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ‏}‏‏.‏

وأما الزكاة فإنها لا تحل لكافر إلا إذا كان مؤلفاً، لقوله تعالى في بيان أهل الزكاة‏:‏ ‏{‏ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}

* * *

082 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما الحكم إذا أعطي الكافر أموالاً أو أهدي إليه هدايا بقصد تأليف قلبه إلى الإسلام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا بأس أن يهدى إليه هدية، أو يعطى دراهم، أو يسكن بيتاً من أجل تأليفه على الإسلام، ولكن يجب أن تلاحظ أن التأليف لابد أن يكون له محل، بأن يكون هذا المؤلف ممن يُرجى إسلامه، أما إذا كان من أئمة الكفر الذين لا يُرجى إسلامهم فإنهم لا يُعطون إلا إذا كانوا يُعطون من أجل دفع ضررهم‏.‏

* * *

182 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أخذت مبلغاً من المال مقداره ‏(‏سبعة آلاف ريال‏)‏ قبل أن يهديني الله، وكان ذلك منذ فترة، وأعمل ولله الحمد براتب قدره ‏(‏ألف ومائتا ريال‏)‏ ولا أستطيع قضاء ذلك المبلغ، وأريد الجهاد فصدني حديث ‏"‏إن الله يغفر كل الذنوب إلا الدين‏"‏ فماذا أعمل‏؟‏ وهل يجوز قضاء هذا الدين من الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم نقول إن قضاء الدين واجب، يجب على الفور، وإذا كانت حال السائل كما ذكر فلا بأس أن يقضى هذا الدين عنه من الزكاة، لأنه يكون من الغارمين‏.‏

* * *

282 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عندنا بعض المقترضين من صندوق إقراض الراغبين في الزواج، وقد توفوا وعليهم دين للصندوق، وورثتهم عاجزون عن السداد عنهم، هل يسدد عنهم من الزكاة العامة غير المخصصة أو التبرعات العامة، أم ماذا نفعل معهم لنبرىء ذممهم حتى ترتاح نفوسهم في قبورهم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا خلفوا تركة فإنه لا يجوز أن يعطوا من الصدقات أو التبرعات، بل يؤخذ من تركتهم، وأما إذا لم يخلفوا تركة فلا بأس أن يقضى دينهم من الصدقات لا من الزكاة‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

قضاء دين الميت من الزكاة لا يجزىء

قال في المغني ‏(‏ص 766 ج 2 ط المنار‏)‏‏:‏ قال أبو داود‏:‏ سمعت أحمد وسئل يكفن الميت من الزكاة‏؟‏ قال لا، ولا يقضى من الزكاة دين الميت، وإنما لم يجز دفعها في قضاء دين الميت؛ لأن الغارم هو الميت، ولا يمكن الدفع إليه، وإن دفعها إلى غريمه صار الدفع إلى الغريم لا إلى الغارم، وقال أيضاً‏:‏ يقضى من الزكاة دين الحي، ولا يقضى منها دين الميت، لأن الميت لا يكون غارماً، قيل‏:‏ فإنما يعطى أهله‏؟‏ قال‏:‏ إن كان على أهله فنعم‏.‏ ا‏.‏هـ كلامه في المغني‏.‏

وقال عبدالرزاق في مصنفه ‏(‏برقم 0717 ص 311 ج 4 ط المجلس العلمي‏)‏‏:‏ عن الثوري قال‏:‏ الرجل لا يعطى زكاة ماله من يحبس على النفقة من ذوي أرحامه، ولا يعطيها في كفن ميت، ولا دين ميت‏.‏ إلى آخر ما قال‏.‏

وقال النووي في المجموع ‏(‏ص 422 ج 6 ط الإمام‏)‏‏:‏ لو مات رجل وعليه دين ولا تركة له هل يقضى من سهم الغارمين‏؟‏ فيه وجهان‏:‏ حكاهما صاحب البيان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يجوز وهو قول الصيمري، ومذهب النخعي، وأبي حنيفة وأحمد‏.‏

والثاني‏:‏ يجوز لعموم الآية، ولأنه يصح التبرع بقضاء دينه كالحي، ولم يرجح واحداً من الوجهين، وقال الدارمي‏:‏ إذا مات الغارم لم يعط ورثته عنه، ثم نقل النووي عن ابن كج قال‏:‏ لا يدفع في دينه من الزكاة قال‏:‏ وقال أبو ثور‏:‏ يقضى دين الميت وكفنه من الزكاة‏.‏ اهـ‏.‏

وقال في الفروع ‏(‏ص 916 ج 2 ط آل ثاني‏)‏‏:‏ ولا يقضى منها دين ميت غرمه لمصلحة نفسه أو غيره، حكاه أبو عبيد وابن عبدالبر إجماعاً؛ لعدم أهليته لقبولها، كما لو كفنه منها إجماعاً، وحكى ابن المنذر عن أبي ثور يجوز، وعن مالك، أو بعض أصحابه مثله، وأطلق صاحب التبيان الشافعي وجهين، واختاره شيخنا، وذكره إحدى الروايتين عن أحمد، لأن الغارم لا يشترط تمليكه، لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏ ولم يقل‏:‏ وللغارمين‏.‏ اهـ‏.‏

وقال القرطبي في تفسيره ‏(‏ص 581 ج 8‏)‏ على آية التوبة‏:‏ واختلفوا هل يقضى منها دين الميت أم لا‏؟‏

فقال أبو حنيفة‏:‏ لا يقضى من الصدقة دين ميت، وهو قول ابن المواز ـ إلى أن قال ـ‏:‏ وقال علماؤنا وغيرهم‏:‏ يقضى منها دين الميت؛ لأنه من الغارمين، قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلّي وعلّي‏"‏اهـ‏.‏

382 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل تسدد ديون الغارمين بعد موتهم‏؟‏ وكيف العمل إن لم تسدد من الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يسدد دين الغارم بعد موته من الزكاة على قول الجمهور من أهل العلم، بل حكاه أبو عبيد وابن عبدالبر إجماعاً‏.‏

ولكن العلماء لم يجمعوا على ذلك، فمنهم من أجازه، وهو قول مرجوح عندي‏.‏

والراجح هو قول الجمهور، ودليل ذلك من السنة، حيث لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ديون الغرماء من الزكاة، مع أنهم قد يكونون في حاجة إلى ذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم إليه الميت سأل‏:‏ ‏"‏هل عليه دين‏"‏‏؟‏ فإن قيل‏:‏ نعم‏.‏ لم يصل عليه وإلا صلى عليه، ولما فتح الله عليه وكثر المال كان يقضي الدين من بيت المال، ولو كان قضاء هذا الدين من الزكاة لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الزكاة كانت قد فرضت قبل أن تفتح الفتوح، فهذا من جهة النقل‏.‏

ومن جهل التعليل‏:‏ فلو أجزنا ذلك لصرفت الزكاة على الأموات وسدد الناس ديون ذويهم وأهليهم، وحرم الأحياء من قضاء ديونهم، مع أن قضاء دين الحي أولى من الميت حتى في الصدقة غير الواجبة، لأن الحي يذل بالدين ويتألم، والميت إن كان أخذ المال يريد أداءه فإن الله سبحانه يؤدي عنه، كما جاء في الحديث‏:‏ ‏"‏من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله‏"‏‏.‏

ومن قضى دين ميت من صدقة التطوع فهذا طيب ويشكر عليه‏.‏

* * *

482 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هناك شخص توفي وعليه دين، وليس وراءه من يستطيع سداده، فهل يجوز أن يسدد هذا الدين من الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز أن يسدد دين الميت من الزكاة، ولكن إذا كان قد أخذه بنية الوفاء فإن الله يؤديه عنه، قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 1/5/4931هـ‏.‏

* * *

582 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز إسقاط الدين عن المدين، ويكون ذلك من الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا لا يجوز؛ لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ‏}‏ والأخذ لابد أن يكون ببذل من المأخوذ منه، وقال النبي عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏"‏أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد‏"‏ فقال‏:‏ ‏"‏تؤخذ من أغنيائهم فترد‏"‏، فلابد من أخذ ورد، والإسقاط لا يوجد فيه ذلك؛ ولأن الإنسان إذا أسقط الدين عن زكاة العين التي في يده، فكأنما أخرج الرديء عن الطيب، لأن قيمة الدين في النفس ليست كقيمة العين، فإن العين ملكه وفي يده، والدين في ذمة الآخرين قد يأتي وقد لا يأتي، فصار الدين دون العين، وإذا كان دونها فلا يصح أن يخرج زكاة عنها لنقصه، وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلآ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ‏}‏ ومثال ما سألت عنه لو كان على الإنسان عشرة آلاف ريال زكاة وهو يطلب رجلاً فقيراً عشرة آلاف ريال، فذهب إلى الرجل الفقير وقال‏:‏ قد أسقطت عنك عشرة آلاف ريال، وهي زكاتي لهذا العام‏.‏ قلنا‏:‏ هذا لا يصح، لأنه لا يصح إسقاط الدين وجعله عن زكاة عين لما أشرنا إليه آنفاً، وهذه مسألة يخطىء فيها بعض الناس ويتجاوزها جهلاً منه، وقد قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ‏:‏ أنه لا يجزىء إسقاط الدين عن زكاة العين بلا نزاع‏.‏

* * *

682 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز لصاحب الدين دفع الزكاة للفقير المدين بشرط أن يردها للدافع وفاءً لدينه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لو كان لك مدين فقير، ودفعت إليه زكاتك فلا بأس ولا حرج حتى لو ردها عليك فيما بعد فلا حرج، لكن تشترط عليه ذلك لا يجوز؛ لأنك إذا فعلت هذا فقد علمنا أنك إنما تريد بهذا العمل أن تسترد مالك الذي في ذمة الفقير، والزكاة لا يجوز أن يحابي فيها الإنسان أحداً لا نفسه ولا غيره‏.‏

* * *

782 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عندي فلوس وقد حال عليها الحول، ووجبت فيها الزكاة، ولي عند رجل من جماعتي دين، وهذا الرجل الذي عليه الدين فقير ويستحق الزكاة، فهل يجوز لي أن أعتبر هذا الدين الذي على هذا الرجل زكاة لمالي الذي عندي وحال عليه الحول‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ثبت في الصحيحين من حديث عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ حين بعثه إلى اليمن‏:‏ ‏"‏أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم‏"‏، فبين صلى الله عليه وسلم أن الزكاة شيء يؤخذ فيرد، وعلى هذا فلا يجوز لك أن تسقط ديناً عمن هو عليه وتعتبره من الزكاة، لأن إسقاط الدين ليس بأخذ ورد‏.‏

وقد ذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ هذه المسألة وقال‏:‏ إنه لا يجزىء إسقاط الدين عن زكاة العين بلا نزاع‏.‏

* * *

بسم الله الرحمن الرحيم

من عنيزة في /8931هـ‏.‏

من الابن محمد الصالح العثيمين إلى شيخنا المكرم عبدالعزيز بن عبدالله ابن بازحفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‏:‏

فقد راجعت الفروع‏:‏ مسألة قضاء دين الميت من الزكاة، فوجدت نصه كما يلي‏:‏

‏"‏ولا يُقضى منها دَيْنُ ميتٍ غَرَمَهُ لمصلحة نفسه أو غيره، حكاه أبو عبيد، وابن عبدالبر إجماعاً؛ لعدم أهليته لقبولها كما لو كفَّنه منها إجماعاً‏.‏

وحكى ابن المنذر عن أبي ثور يجوز، وعن مالك أو بعض أصحابه مثله، وأطلق صاحب التبيان الشافعي وجهين، واختاره شيخنا وذكره إحدى الروايتين عن أحمد؛ لأن الغارم لا يشترط تمليكه؛ لأن الله قال‏:‏ ‏{‏والغارمين‏}‏ ولم يقل‏:‏ وللغارمين‏"‏‏.‏ أهـ من صفحتي 916 ـ 026 ج2 ط آل ثاني‏.‏

أما في المغني فذكر نص أحمد على أنه لا يقضى من الزكاة دين الميت؛ لأن الميت لا يكون غارماً، ولم يذكر خلافه‏.‏

وذكر القرطبي في تفسيره الاختلاف هل يقضى منها دين الميت‏؟‏

قال‏:‏ ‏"‏وقال علماؤنا وغيرهم يقضى منها دين الميت؛ لأنه من الغارمين، قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإليَّ وعليَّ‏"‏ أ‏.‏هـ

وذكر في المجموع أن صاحب البيان حكى وجهين، وأنه لم يرجح واحداً منهما، وعلل الجواز بعموم الآية، وبصحة التبرع بقضاء دينه كالحي‏.‏

هذا ما تحصل لي في مراجعة الكتب المذكورة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‏:‏

هناك شخص أقرض شخصاً آخر مبلغاً من المال، ثم توفي المقترض، والمال لايزال في ذمته، وكان وراءه أولاد قصر، ولم يخلف إلا بيتاً لسكنى هؤلاء الصغار، وهو يسأل‏:‏ هل يجوز له أن يضع هذا الدين، أو جزءاً منه ويعتبره من الزكاة‏؟‏ أرجو التكرم بالإجابة على هذا السؤال لأبلغه بذلك جزاك الله خيراً‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لا يجوز أن يسقط عن المدين دينه وينويه من الزكاة‏.‏

كتبه محمد الصالح العثيمين في 1/9/2141هـ‏.‏

882 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يمكن أن يجعل الدين الذي عليه تقسيطاً زكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن كان السائل يريد أنه يجوز أن أسقط من الدين بمقدار الزكاة التي علي في مالي الذي بيدي إن كان يريد هذا، فهو لا يجوز، يعني مثلاً لو كان عند الإنسان مال موجود في يده، وفي هذا المال ألف ريال زكاة المال، وله على فقير دين بمقدار ألف ريال، فقال‏:‏ أريد أن أسقط هذا الدين عن الفقير، وهو ألف ريال عن الزكاة التي علّي‏.‏ نقول‏:‏ هذا لا يجوز، ولا تبرأ به الذمة، وقد سبق أن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ذكر أن هذه المسألة لا نزاع فيها، وسبق أيضاً أن دليل هذه المسألة من قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بآخِذِيهِ إِلآ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ‏}‏ فإن الدين بالنسبة للعين، خبيث والخبيث في الآية المراد به الرديء، فلا يجوز للإنسان أن يسقط الدين ويحتسبه من الزكاة التي عليه‏.‏

* * *

982 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم وضع الزكاة في مياه السبيل‏؟‏ ووضع الزكاة في بناء المساجد‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز وضع الزكاة في مياه السبيل ولا في بناء المساجد، لأن الله تعالى خصها في ثمانية أصناف، ولا يجوز أن يتعداها المسلم‏.‏

* * *

092 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم دفع الزكاة للمجاهدين الأفغان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المجاهدون الأفغان بين مجاهدين وبين فقراء مهاجرين، فدفع الزكاة إليهم واقع موقعه؛ لأنها إما أن تصرف في المجاهدين فيكون ذلك في سبيل الله، وإما أن تصرف في اللاجئين فيكون ذلك من سهم الفقراء‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

من محبكم محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم‏.‏‏.‏‏.‏ حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتابكم وصل سرنا صحتكم الحمد لله على ذلك‏.‏

والنشرتان عن اتحاد الطلبة المسلمين في ‏.‏‏.‏‏.‏ وصلتا في الأسبوع الماضي، وقرأت فيهما وأعجبني نشاط الاتحاد، نسأل الله أن يزيدهم من الفقه في دينه، والدعوة إليه على بصيرة‏.‏

وسؤالكم عن دفع الزكاة إليهم باسم الجهاد في سبيل الله، فيكونون من جملة من يدخل تحت قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏‏.‏

وجوابه وبالله التوفيق ومنه نستمد العون والهداية والصواب‏:‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ المذكورة في آية أهل الزكاة المراد بهم من يقاتلون في سبيل الله، لتكون كلمة الله هي العليا فيعطون نفقاتهم لهذا الغزو، وما يستعينون به من السلاح وغيره من حاجات الغزو‏.‏ قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره‏:‏ هم الغزاة وموضع الرباط يعطون ما ينفقون في غزوهم كانوا أغنياء أو فقراء‏.‏ وقال في المغني ‏(‏ص 534 جـ 6‏)‏‏:‏ ولا خلاف في أنهم الغزاة في سبيل الله؛ لأن سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو، واستشهد لذلك، وذكر على قول الخرقي‏:‏ إن الحج من سبيل الله أن عن أحمد رواية‏:‏ أنه لا يصرف منها في الحج، وبه قال مالك، والليث، وأبو حنيفة، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، قال‏:‏ وهذا أصح، لأن سبيل الله عند الإطلاق إنما ينصرف إلى الجهاد، قال‏:‏ ولأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين‏:‏ محتاج إليها كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون كالعامل، والغازي، والمؤلف، والغارم لإصلاح ذات البين، والحج من الفقير لا نفع للمسلمين فيه ولا حاجة بهم إليه، ولا حاجة به أيضاً إليه، لأن الفقير لا فرض عليه فيسقطه، ولا مصلحة له في إيجابه عليه، وتكليفه مشقة قد رفهه الله منها، وخفف عنه إيجابها، وتوفير هذا القدر على ذوي الحاجة من الأصناف، أو دفعه في مصالح المسلمين أولى‏.‏ اهـ‏.‏

وبهذا تبين أن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ خاص بالجهاد في سبيل الله، لما في ذلك من نصرة الإسلام والذب عنه، ودخول الناس فيه بما يرون من نصرته وإدالته‏.‏

وأما اتحاد طلبة المسلمين المشار إليه فيجب النظر أولاً في عقيدتهم وسلوكهم، حتى يتبين أن عقيدتهم سليمة على عقيدة أهل السنة والجماعة، وسلوكهم في عباداتهم مستقيم، وأنهم كانوا في العقيدة والعمل على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقدر المستطاع، وإنما قلنا بوجوب النظر في ذلك؛ لأن كثيراً من المسلمين في الخارج يتبعون عقائد تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة، ويسلكون في عباداتهم طرقاً مبتدعة، ليس عليها أمر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فإذا تبين أن عقيدتهم سليمة، وطريقتهم مستقيمة فإن لهم حالين‏:‏

الحال الأولى‏:‏ أن يكونوا متفرغين للفقه في الدين والدعوة، فهؤلاء لهم حق من الزكاة، فيعطون منها ما يقوم بكفايتهم من حوائجهم الخاصة، ومما تتطلبه الدعوة إلى الدين ونشره، ويتبين ذلك بالأصول التالية‏:‏

الأصل الأول‏:‏ أن الدين الإسلامي قام على الجهاد باللسان واليد، وكل مدة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وقيام الإسلام بالجهاد باللسان ونشر محاسنه والدعوة إليه بما تقتضيه الحال في ذلك الوقت‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ‏}‏ فإذا كان قيام الإسلام بجهاد اللسان تارة، وجهاد السلاح تارة، وكان كل منهما دعامة لنشره والدعوة، فإن ما جاز دفعه من الأموال الشرعية في أحدهما جاز دفعه في الآخر‏.‏

الأصل الثاني‏:‏ أن الله جعل التفقه في الدين والإنذار به قسيماً للجهاد وعدلاً له، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ‏}‏ وهذا دليل على مكانة التفقه في الدين المثمر للإنذار به والدعوة إليه، وأنه يعادل الجهاد في سبيل الله فمن أجل ذلك ينبغي أن يكون داخلاً في قوله‏:‏ ‏{‏وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ وقد ذكر فقهاؤنا ـ رحمهم الله ـ أنه إذا تفرغ شخص للعلم أعطي من الزكاة ما يقوم بكفايته، وإن كان قادراً على التكسب إذا كان التكسب يمنعه من تحصيل العلم المطلوب، بخلاف من تفرغ للعبادة فلا يعطى إذا كان قدراً على التكسب‏.‏

الأصل الثالث‏:‏ أن نقول‏:‏ إنه في عصرنا الحاضر يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسيف ونحوه، لضعف المسلمين ماديًّا ومعنويًّا وعدم إتيانهم بأسباب النصر الحقيقية، ولأجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية، فلم يبق إلا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة، فإذا تفرغ لها قوم وعملوا فيه جاز إعطاؤهم من نصيب المجاهدين‏.‏

الحال الثانية‏:‏ أن لا يكونوا متفرغين للفقه والدعوة، بل لهم دعوة ونشاط لا تمنعهم عن ممارسة أعمالهم الخاصة، فهؤلاء لا حق لهم من سهم المجاهدين، لأنهم لم يتفرغوا لعملهم، كما لا يعطى المجاهد إلا إذا تفرغ للجهاد وتلبس به، ولكن يمكن أن يعطى هؤلاء ما يدفعونه في تأليف الناس على الإسلام ممن يرجى إسلامه، أو قوة إيمانه، أو تفرغه للعلم والدعوة إلى الله، فإن الله جعل من الزكاة سهماً للمؤلفة قلوبهم‏.‏ قال الزهري ـ رحمه الله ـ‏:‏ المؤلفة من أسلم من يهودي، أو نصراني، وإن كان غنيًّا‏.‏ نقله القرطبي في تفسيره، وذكر أقوالاً أخرى‏.‏

واشتراط كونهم سادة مطاعين في عشائرهم غير ظاهر، وإذا كان المسلم الفقير يعطى لما يقوم به جسمه من نفقة، فما يقوم به دينه أولى وأحرى أن يصرف إليه من أجله، إذا كان ينتفع بذلك، ويزداد إيمانه‏.‏

وخلاصة الجواب‏:‏ أنهم إن كانوا متفرغين للتفقه في الدين والدعوة أعطوا من الزكاة ما يسد حاجتهم، وإلا أعطوا من الزكاة من سهم المؤلفة ليدفعوها في تأليف الناس على الإسلام‏.‏ والله أعلم‏.‏

هذا ما لزم شرفونا بما يلزم، وبلغوا سلامنا الوالد والمشائخ، خصوصاً الشيخ عبدالعزيز، ومنا الجميع بخير والله يحفظكم‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏ 5/2/6931هـ‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الله عز وجل ذكر الأصناف التي تصرف عليها الزكاة ومنها قوله‏:‏ ‏{‏وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ قال العلماء‏:‏ بأنه الجهاد في سبيل الله، والجهاد يشمل الجهاد بالسيف والسنان، والجهاد بالعلم والبيان‏.‏

ومن ثم استشكل علينا مسألة صرف الزكاة على طلبة العلم الشرعي، وبناء المدارس، وشراء الكتب لهؤلاء الطلبة، كما تبنى الثكنات للمجاهدين ويُشترى لهم السلاح من الزكاة‏.‏

علماً بأن بعض الدول لا تهتم بالمدارس الشرعية، ويشرف عليها أناس من أهل الخير، ويقومون بتوفير المستلزمات للطلبة من تبرعات المحسنين، وقد يعانون المشاكل المادية في توفير هذه المستلزمات لقلة المتبرعين، فنظراً لهذا الوضع هل يجوز صرف الزكاة على هؤلاء الطلبة وبناء المدارس والمساكن لهم‏.‏ أفيدونا جزاكم الله خيراً‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الذي أرى جواز صرف الزكاة لطلبة العلم المنقطعين لطلبه إذا كان علماً شرعيًّا؛ لأن الدين قام بالعلم والسلاح، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَأَيُّهَا النَّبيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ‏}‏ ومن المعلوم أن جهاد المنافقين إنما هو بالعلم لا بالسلاح، وعلى هذا فتصرف الزكاة لهم في نفقاتهم وما يحتاجون إليه من الكتب، سواء كان على سبيل التمليك الفردي الذي يشترى لكل فرد منهم، أم على سبيل التعميم كالكتب التي تشترى فتودع في مكتبة يرتادها الطلاب، لأن الكتب لطالب العلم بمنزلة السيف والبندقية ونحوهما للمقاتل‏.‏

أما بناء المساكن والمدارس لطلبة العلم ففي نفسي شيء من جواز صرف الزكاة فيها، والفرق بينها وبين الكتب أن الانتفاع بالكتب هو الوسيلة لتحصيل العلم، فلا علم إلا بالكتب، بخلاف المساكن والمدارس، لكن إذا كان الطلبة فقراء استؤجر لهم مساكن من الزكاة فتصرف إليهم في هذه الناحية من سهم الفقراء ويستحقون ذلك لفقرهم، وكذلك المدارس إذا لم تمكنهم الدراسة في المساجد‏.‏ والله أعلم‏.‏ كتبه محمد الصالح العثيمين في 52/5/9041هـ‏.‏

رسالة

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقوم اللجنة الرئيسية الاجتماعية بمحافظة ‏.‏‏.‏‏.‏ بعدد من الأنشطة منها

1 ـ إقامة حلقات لتحفيظ القرآن الكريم، وتجويده، وتلاوته في قرى وهجر محافظة ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

2 ـ إقامة الندوات والمحاضرات الدينية والثقافية على مدار العام‏.‏

3 ـ افتتاح رياض الأطفال في الأحياء التابعة للمحافظة وتضم حاليًّا ‏(‏5 رياض للأطفال‏)‏ وترعى فيها أيتام وفقراء‏.‏

4 ـ صرف إعانات لعدد من المعاقين‏.‏

5 ـ المشاركة في أسابيع التوعية العامة على مدار العام‏.‏

6 ـ إقامة المسابقات الثقافية وتكريم الطلبة المتفوقين‏.‏

7 ـ إتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة بدور إيجابي وفعال في المجتمع في إطار القيم والتعاليم الإسلامية‏.‏

8 ـ نشر التعليم والمساهمة في القضاء على الأمية، وإقامة الدورات المتخصصة في مجال الحاسب الآلي والآلة الكاتبة‏.‏

9 ـ توفير وسائل الرعاية المناسبة للشباب بإشغال أوقات فراغهم والاستفادة من طاقاتهم، وتوجيهها لخدمة مجتمعهم من خلال تأسيس الأندية الريفية بالمحافظة‏.‏

01 ـ نشر الوعي بين المواطنين في كافة المجالات الاجتماعية والصحية، والثقافية، والزراعية، والمهنية، والاقتصادية‏.‏

11 ـ العمل على رفع مستوى المعيشة بين المواطنين بزيادة الدخل عن طريق تشجيع الأهالي باتباع الأساليب الحديثة في الإنتاج‏.‏

21 ـ اكتشاف القيادات المحلية وتدريبهم على العمل الجماعي لصالح المجتمع‏.‏

وتقوم اللجنة بتمويل هذه المشروعات عن طريق التبرعات من أهل الخير، ونظراً لأن هذه التبرعات لا تكفي لتمويل هذه المشروعات، فإننا نرغب من فضيلتكم إفادتنا عن جواز دفع الزكاة من أهلها لتمويل هذه المشروعات‏.‏ علماً بأن اللجنة يشرف عليها رجال ثقات ويتحرون الدقة في مثل هذه الأمور، والله يحفظكم ويرعاكم وهو الهادي إلى سواء السبيل‏.‏

فنأمل من فضيلتكم التكرم بإبداء الرأي‏.‏

أخوانك في الله أعضاء اللجنة التأسيسية

/7141هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لا يجوز صرف الزكاة إلا لمن ذكرهم الله تعالى في قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ وهذا المشروع لا تشمله الآية، اللهم إلا الفقراء من المعوقين واليتامى، فإذا جعل لهم بند خاص بالزكاة يصرف لهم منه، ولا يصرف لغيرهم من فقرات هذا المشروع فلا بأس‏.‏

على أنه يجب عليكم التحفظ الشديد فيما جاء في البند السابع من هذا المشروع فيما يتعلق بمشاركة المرأة‏.‏ أسأل الله تعالى أن يوفقكم للخير، ويتقبل منكم، ويثيبكم‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحن إخوانكم في ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ تعلم سلمك الله أن بلادنا مترامية الأطراف متباعدة المسافات، ويندر فيها العلم لندرة العلماء، وندرة الكتاب الإسلامي، وبعون من الله افتتحنا مؤسسة رسمية تعنى بنشر العلم في المدن القريبة والبعيدة من خلال إقامة الدورات الشرعية، وإرسال الكتاب الإسلامي عبر البريد، ووجدنا ولله الحمد التجاوب الكبير من الناس، ورغبتهم في المزيد، ونظراً لقلة ذات اليد عرضنا على بعض المحسنين دعم هذا المشروع، وعرضوا علينا من أموال الزكاة، فهل نقبلها لهذا المشروع، مع العلم أن أكثر المستفيدين من الفقراء، ولا يوجد عندنا البديل، والجهل عم أكثر البلاد، أفتونا أثابكم الله وبارك في عملكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أموال الزكاة لا تحل إلا لمستحقيها فإذا كان الرجل يحتاج إلى كتب ينتفع بها وليس يقدر عليها، فلا بأس أن يعطى من الزكاة ما يشتري به الشيء الذي يحتاج إليه من الكتب، كما يعطى لغذائه البدني‏.‏

كتبه محمد الصالح العثيمين في 02/8/9141هـ

192 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أنا رجل قائم على ‏(‏مكتبة خيرية‏)‏ تضم كثيراً من الكتب في العلوم الشرعية، ويرد هذه المكتبة كثير من المشايخ وطلبة العلم للاستفادة منها، ويأتيها بعضهم من أماكن بعيدة‏.‏

فهل يجوز لي أن أنفق عليهم لضيافتهم من أموال الزكاة التي ترد إلي، علماً بأن أكثرهم فقراء‏؟‏ أفتونا في ذلك جزاكم الله خيراً‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‏.‏ لا يحل لك أن تنفق على هؤلاء من الزكاة؛ لأنه يشترط في الزكاة تمليك المعطي كما قال عز وجل‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏‏.‏ لكن من الصدقات لا بأس يعني الصدقات التي ليست بواجبة‏.‏

أملى هذه الكلمات حول الإنفاق على الضيوف من الزكاة، وأنه لا يجزي، أملاه الفقير إلى الله تعالى محمد الصالح العثيمين في 8/9/0241هـ‏.‏

* * *

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد‏:‏ فإنه لا يخفى على فضيلتكم ما يحدث لإخواننا في بلاد القوقاز المسلمة، وبالذات في الشيشان من حرب على الإسلام وإبادة للمسلمين، وقتل وتشريد للمدنيين، وكبار السن والنساء والأطفال، وذلك بالقصف العشوائي على القرى والمدارس والمستشفيات والمدن‏.‏

فما حكم بذل الصدقات والزكوات للمسلمين هناك ومناصرتهم بالنفس والمال‏؟‏ نصر الله بكم الإسلام‏؟‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بذل الصدقات والزكوات للمسلمين في بلاد القوقاز خصوصاً في الشيشان جائز، فالزكوات تكون للمجاهدين والفقراء، والصدقات أوسع من ذلك، وإني لأسأل الله تعالى أن يفرج كربات إخواننا في الشيشان وغيرها من بلاد المسلمين، وأن يرد كيد أعدائهم في نحورهم، وينصر المسلمين في كل مكان، إنه على كل شيء قدير‏.‏

كتبه محمد الصالح العثيمين في 62/7/0241هـ‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه أما بعد‏:‏

شيخنا الفاضل محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى وأعانه وسدده

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‏:‏

لا يخفى على فضيلتكم الدور الذي يقوم به إخواننا المسلمون في أفغانستان وفلسطين وأرتيريا من جهاد أعداء الله الثلاثة‏:‏ الشيوعية الملحدة، والنصرانية الصليبية، واليهودية الصهيونية الذين يكيدون للإسلام والمسلمين، فهم يقومون بفريضة طالما عطلت عن الأمة أزماناً طويلة حتى ذل المسلمون إلا من رحم الله، ولا شك أن الجهاد يحتاج إلى دعم هائل تعجز عنه ميزانيات الدول أحياناً، كذلك ما يخلفه الجهاد من أيتام وأرامل ومهاجرين يكونون فريسة سهلة للمنظمات الصليبية إن لم يقم المسلمون بدورهم الذي فرضه الله عليهم على أتم وجه، من دعم مادي ومعنوي، فسؤالنا يا فضيلة الشيخ هو‏:‏

هل يجوز أن ندفع زكاة أموالنا لهم‏؟‏

وهلا بينت لنا فضل من قام بإعداد المجاهدين، وإخلافهم في أهلهم، وكفالة أيتامهم عند الله سبحانه وتعالى‏؟‏ وجزاك الله عنا وعن المسلمين والمجاهدين منهم خير الجزاء‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، لا شك أن الجهاد لأعداء الله عز وجل من فروض الكفايات، والجهاد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ذروة سنام الإسلام‏"‏ ولا يكون للأمة الإسلامية عز ورفعة، ولدين الإسلام ظهور وغلبة إلا بالجهاد وقمع أعداء الله، حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله عز وجل‏.‏ ولا ريب أن الأعداء تسلطوا على المسلمين منذ أزمان كثيرة؛ لأن المسلمين تفرقوا شيعاً، وناموا وغفلوا عن مصالحهم، واستعمر الأعداء بلادهم وأفكارهم، حتى غيروا عقائدهم وأخلاقهم، وجعلوا يبثون بينهم العداوة ليتفرق المسلمون حتى لا تكون لهم شوكة، ولا تقوم لهم أمة، وبالتالي لا يكون لهم ملة قوية، سواء من اليهود، أو النصارى، أو من الشيوعيين، والواجب على الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين أن ينتبهوا لهذا الأمر الخطير العظيم، وأن يقوموا لله مثنى وفرادى في كبح جماح أعداء الله، والقضاء على سلطتهم، وهم منصورون إذا نصروا الله عز وجل لأن الله تعالى قال في كتابه‏:‏ ‏{‏يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ‏}‏‏.‏ وقال عز وجل‏:‏ ‏{‏وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏‏.‏ وقال عز وجل‏:‏ ‏{‏وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَْرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَآتَوُاْ الزَّكَوةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ‏}‏‏.‏

والواجب على الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين أن يرجعوا إلى دين الله عز وجل رجوعاً حقيقيًّا، في العقيدة، وفي القول، وفي الفعل، وأن يحكموا شريعة الله ويقيموها في أرضه، لتكون كلمة الله هي العليا، ولا شك أن المسلمين اليوم في حال يرثى لها، لأنهم متفرقون متشتتون، تتربص كل طائفة بالأخرى الدوائر، وذلك لعدم صدقهم في معاملة الله عز وجل، وفي الانتصار لدين الله سبحانه وتعالى ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم، ولو صدقوا الله لجمع كلمتهم على الحق، كما حصل ذلك في أول هذه الأمة الإسلامية، ولا شك أن الجهاد الذي حصل في أفغانستان صار له أثراً كبيراً بالنسبة للمستعمرين المضطهدين من المسلمين في فلسطين وفي أرتيريا وسيكون أيضاً إن شاءالله في غيرها من البلاد المضطهدة، وسيكون النصر للإسلام والمسلمين إن قاموا به على الوجه الذي يرضي الله عز وجل‏.‏

وبذل الزكاة في الجهاد في سبيل الله أمر معلوم نص الله عليه في كتابه في قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ فبذل الزكاة في الجهاد في سبيل الله بذل في أحد مصارف الزكاة وأصنافها، ولكن لا يعني ذلك أن تنصب الزكوات في هذا الصنف من أصناف الزكاة، وتنسى الأصناف الأخرى التي جعلها الله شريكة للمجاهدين في سبيل الله‏.‏

ولا ينبغي أيضاً أن يغفل هذا الجانب من أهل الزكاة، بل يكون صرف الزكاة في هؤلاء وهؤلاء؛ لأن فقراء المسلمين يحتاجون أيضاً إلى سد عوزهم وإزالة حاجتهم، والإنسان العاقل يستطيع أن يوفق بين هذا وهذا، بحيث يحكم عقله على ضوء الكتاب والسنة، كما أنه ينبغي أن يكون هناك تبرع خارج عن الزكاة للبذل في سبيل الله عز وجل، لأن من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا، والتعاون على البر والتقوى أمر واجب أمر الله به في قوله‏:‏ ‏{‏وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ ‏}‏ فلا ينبغي أن يفتح للناس جعل الزكاة في الجهاد فقط، دون أن يفتح لهم باب التبرع؛ لأن النفوس مجبولة على الشح، فإذا فتح هذا الباب صار الناس لا يبذلون في الجهاد إلا ما كان واجباً بالزكاة، فإذا لم يكن عندهم زكاة فتروا‏.‏

والذي ينبغي أن يحث الناس على البذل في الجهاد في سبيل الله تبرعاً، ومن الزكاة أيضاً حتى تكون أبواب الخير مفتوحة أمام أهل المال وأهل الغنى، ويحصل الحماس للجهاد في سبيل الله والتبرع فيه‏.‏

31/9/0141هـ‏.‏

292 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز دفع الزكاة لمراكز توعية الجاليات لصرفها كرواتب للدعاة وغيرها من المصروفات التي تسير أمور هذه المراكز‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أرى أنه لا يجوز لأن التوعية الإسلامية، أو توعية الجاليات يعطون من صدقات البر، وهذا من أفضل ما يكون بذل المال فيه، لأنك تعين الداعي إلى الله فلك مثل أجر الداعي إلى الله من غير أن ينقص من أجره شيء، أما أن تعطيهم من الزكاة فلا، إلا أن يكون هناك بند خاص لصرف الزكاة للفقراء في هذه المراكز فهذا لا بأس به، لأن الفقراء أهل لها، كذلك رأى بعض العلماء أنه لو أعطي من كان حديث العهد بالإسلام من الزكاة ليتقوى إيمانه فإنه داخل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ وخالف بعض العلماء فقال‏:‏ يشترط في المؤلف أن يكون سيداً مطاعاً في عشيرته، وفي قومه حتى يكون صلاحه له تأثير في صلاح قومه، والراجح أنه لا يشترط‏.‏

* * *